Sunday, February 17, 2008

عن الحدود المصرية

يتحدث الكاتب د. حسن نافعه فى المصرى اليوم فى مقال دفاعا عن السيادة المصرية ..

وبما أنه كتب مايعبر عن رأيى فى هذه المسأله رأيت أن أنسخه هنا لمن لم يقرأه ..

"

وأظن أن الجدل الذي ثار في مصر، عقب اقتحام الجوعي الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة معبر رفح، يستحق أن نتوقف عنده بتأمل عميق، نظراً لتأثيراته الهائلة علي أمن مصر الوطني والقومي، وهو موضوع لا يبتعد كثيراً علي أي حال عن بعض ما أثاره هيكل في مقالاته، خاصة ما يتعلق منه بإدارة مصر صراعاتها مع إسرائيل منذ حرب أكتوبر وحتي الآن، فالكثير مما قيل في سياق هذا الجدل قلب الحقائق رأساً علي عقب، وتعمد إظهار الفلسطينيين في قطاع غزة، بدعوي سيطرة حماس عليه، وكأنهم باتوا يشكلون الخطر الأكبر علي سيناء، وبالتالي علي أمن مصر الوطني، وهو ادعاء غير صحيح فضلاً عن كونه بالغ الخطورة.

من البديهي أنه يصعب علي أي وطني أن يقبل أن تستباح حدود بلاده تحت أي ذريعة، ومن أي طرف كان، حتي ولو كان جاراً يرتبط مع بلاده بأعمق وأوثق صلات المودة والرحمة، فعبور الحدود بين الدول يخضع لضوابط يؤدي تجاهلها إلي تعريض أمنها للخطر، وفي هذا السياق يتعين النظر لعملية الاجتياح الجماعي الذي جري علي الحدود المصرية الفلسطينية باعتباره أمراً غير طبيعي يعود إلي ظرف استثنائي، وبالتالي يستحيل قبوله أو التعامل معه باعتباره تصرفاً عادياً قابلاً للتكرار.

لذا يتعين علي مصر أن تركز كل جهدها في معالجة الأسباب التي أدت إليه، ويدرك أي مراقب موضوعي للأوضاع في المنطقة أن هذه الأسباب تنحصر في استمرار حصار إسرائيل للشعب الفلسطيني وتجويعه، وليس سلوك حماس المتهور، كما يحاول البعض أن يدعي في محاولة خبيثة لدق إسفين بين الشعبين.

وفي تقديري أنه لا توجد هناك معضلة تحول دون إيجاد مخرج قانوني لمشكلة المعابر، رغم الانقسام القائم بين فتح وحماس، ووجود حكومتين، إحداهما في الضفة برئاسة فياض، والأخري في غزة برئاسة هنية، وغياب ممثلين عن الاتحاد الأوروبي علي الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، ولأن أهم ما يتعين أن تنشغل به مصر هو أن تتمكن من ممارسة سيادتها علي أرضها وحماية أمنها، وهو ما يفرض عليها أن تطبق قوانينها هي، وليس قوانين أي طرف آخر، علي كامل أراضيها دون تمييز، دونما إخلال بالقانون الدولي بطبيعة الحال.

وهنا يتعين لفت الأنظار إلي مسألة علي جانب كبير جداً من الأهمية، وهي أن التزامات مصر الدولية لا تفرض عليها غلق معبر رفح في وجه الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة حتي لو كانت حماس هي التي تسيطر عليه، وفي العرف والقانون الدولي أمثلة كثيرة تشير إلي أن الاعتراف الدبلوماسي ليس شرطاً مسبقاً للسماح لرعايا وبضائع الدول غير المعترف بها بالمرور عبر حدودها، وربما يكون في الأوضاع التي عرفتها الصين الشعبية خلال الفترة ٤٩ ـ ٧١ خير دليل علي ذلك.

فمن المعروف أن الولايات المتحدة لم تعترف بحكومة الصين الشعبية بعد استيلاء الحزب الشيوعي علي السلطة عام ١٩٤٩، الذي ترتب عليه انسحاب حكومة الصين الوطنية واستقرارها في جزيرة فورموزا (تايوان حالياً)، وهي جزء لا يتجزأ من دولة الصين، ولأن الولايات المتحدة قررت تقديم العون لحكومة تايوان وحمايتها أمنياً واعتبرتها ممثلة لعموم الصين، فإن العديد من الدول لم يجرؤ علي الاعتراف بحكومة الصين الشعبية حتي عام ١٩٧١، بل وصل الأمر إلي حد تمكين حكومة فورموزا من احتلال مقعد الصين الدائم في مجلس الأمن!.

غير أن ذلك لم يمنع الدول التي لم تعترف بحكومة الصين الشعبية دبلوماسياً من السماح لرعاياها وبضائعها بعبور أراضيها، فالعبرة في القانون الدولي بالممارسة الفعلية للسلطة، وبالقياس، ليس علي مصر أن تشغل نفسها بهوية السلطة التي تشرف علي إدارة الجانب الآخر من معبر رفح، وما إذا كانت سلطة معترفاً بها دبلوماسياً أم لا، فما يهمها هو تطبيق قوانينها ومتطلبات أمنها علي حدودها، خصوصاً أنها سلطة منتخبة.

أدرك أن قراراً كهذا ليس سهلاً، وربما يؤدي إلي تعقيد العلاقة بإسرائيل والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية، وربما بالاتحاد الأوروبي أيضاً، لكنني مع ذلك علي يقين من أن ترك إسرائيل تتحكم في قطاع غزة، وتحكم عليه حصاراً لا إنسانياً يشكل تهديداً لأمن مصر الوطني علي المدي البعيد، ومن الأفضل لمصر أن تقوم بخطوة جريئة حتي لو انطوت علي مخاطرة محسوبة من هذا النوع، لعلها تمكنها من الإمساك بخيط تستعيد به زمام المبادرة علي طريق البحث عن تسوية حقيقية، بدلاً من الركون إلي وضع لا يساعد إلا علي تآكل قدراتها وإرادتها باستمرار، وهذا ظرف مناسب في وقت تتجه فيه الأوضاع نحو تصعيد قد يفضي بالمنطقة إلي حرب إقليمية شاملة، خصوصاً بعد تأزم الوضع في لبنان واغتيال مغنية.

 ومن الأكرم لمصر ألا تقف في تلك الحرب، إن قامت لا قدر الله، في نفس الخندق الذي تقف فيه إسرائيل، ولن يكون بالإمكان إقناع الشعب المصري بأن صراعه مع إسرائيل قد انتهي بالتوقيع علي اتفاقيات كامب ديفيد، وأن غزة أصبحت الآن هي الخطر علي أمن مصر، فمثل هذا الكلام عار وعيب أن يقال.

"

 

يقينى بالطبع أن كلام حسن نافعه وأمثاله لن يجدى شيئا مع مبارك أو زبانيته وسيستمر الغباء بحثا عن مصالحهم الضيقة من تهليب وتوريث ضاربا عرض الحائط بأى منطق أو دين أو صالح قومى أو حتى دينى أو أخلاقى

..

No comments: