Monday, September 08, 2008

ترنيمة

 

ذات يوم وأنا طفل كنت أرى النملة سائرة فأضربها بقدمى وأقتلها عامدا متعمداً, شاعرا بأننى أمارس حقا وأؤدى واجبا وأنا أقتل هذا الكائن المهين الذى يعترض بهذه الجرأة طريق كائن عظيم مثلى.

ورأتنى أمى أفعل ذلك فوبختنى أشد التوبيخ, وحدثتنى بما ينتظر القساة أمثالى من البهدلة يوم القيامة, ومن عذاب الحريق بعد ذلك فى جهنم خالدين فيها أبدا. فملأنى هذا الحديث رعبا وأقلعت تماما عن قتل النمل, بل وصرت أمشى مطأطىء الرأس نحو مواقع قدمى مخافة أن أقتل –حيث لاأدرى- نملة مسكينة شاردة.

وذات يوم رأيت أمى تحمل زجاجة كبيرة تفوح منها رائحة الجاز وتتجه بها نحو ركن فى المطبخ حيث جلست القرفصاء لكى تفرغ محتوياتها فى أحد الجحور هناك.

- بتعملى إيه يانينه ؟

هكذا سألتها فى براءة فلم تجبنى. إذ كانت كما تبينت بعد ذلك تصب الجاز فى أحد أوكار النمل بقصد إبادته وتطهير المطبخ منه. فعجبت أشد العجب من هذا التناقض الصارخ أمامى, إذ تستبيح أمى لنفسها قتل آلاف النمل بضربة واحدة ساحقة فى حين تحاسبنى أنا على استمتاعى البرىء بين حين وآخر بقتل نملة واحدة يتيمة فهل هى لاتكترث بما ينتظرها يوم القيامة من عذاب أليم, أم تراها تعرف –دون أن تقول لى- أن قتل النمل بالجملة حلال فى حين أن قتله بالقطاعى هو وحده الحرام؟ أم أن المسألة أخطر من ذلك, وأن الله جل جلاله يكيل للناس بكيلين, فيبيح للأمهات الكبيرات القويات من الجرائم مايحرّمه على أطفالهن الصغار الغلابة المستضعفين؟

وأسئلة كثيرة من هذا النوع شرعت فى توجيهها إلى أمى التى استمعت إليها حينا فى صمت لتستوعبها, فلما تم لها الاستيعاب قالت فى إيجاز صارم:

- اجرى العب برّه !

 

 

ترانيم فى ظل تمارا

محمد عفيفى

4 comments:

qwert anime said...

للاسف
كلنا بنجرى نلعب بره

زمان الوصل said...

الله ينوّر عليك

ترانيم فى ظل تمارا روايه بديعه .. حين اشتريتها أهديت نسخا منها لأعز أصدقائى

Unknown said...

فضيحة كبرى...الأمن يسرق قوافل الإغاثة
الأمن يتفق مع ساقين الحافلة الأولى والثانية في القافلة الإغاثية المتجة لغزة
وتسير الحافلتان بدون الركاب الذين كانوا على الأرض إلى وجهة غير معلومة
والجدير بالذكر أن هاتان الحافلتان همه المحملتان بالطعام والشراب للمسافرين الصائمين النتجين لغزة
كما أنهما يحملان البضائع الإغاثية للفلسطينيين
وبالإتصال بأصحاب الشركات التي تملك الأتوبيسات
وجد أنهم قد أغلقوا موبايلاتهم
ولا يردوا على الأرضي
أي أن الأمن سرق البضائع الإغاثية
وترك الركاب على الأرض
أمن مصر القذر
>>>>>>>>>>>>>>>>>>
تابعونا
تغطية شاملة للقافلة المتوجهة لغزة

Leonardo said...

qwert anime :

مش للأسف أوى ولاحاجه !!
على الأقل حرية اللعب مازالت متاحة :)


زمان الوصل :)

وللا نقولك ياحاجه زمان :D

أنا عن نفسى اشتريت منها حوالى 4 أو 5 نسخ أجملهم طبعا النسخه الأولى الصادره عن دار الشروق برسوم حلمى التونى وبورق أخضر اللون مما زاد من عذوبة الكتاب بشكل لايوصف !
أنا كنت باحب محمد عفيفى ككاتب ساخر قبل ترانيم أما من بعدها فعشقت محمد عفيفى الإنسان قبل الكاتب
بيتهيألى ماحدش يقدر يقرأ الكتاب ده ومايلمسش حاجه جواه أو مايحبش محمد عفيفى .. أكيد ده هيبقى إنسان معجزه مابين الرئتين عنده فراغ !



أنا إنسان :

شكرا على الخبر
ولو إنى مش قادر أتعود على إن يكون فيه spam
فى كومنتات البلوجر !!