الأزمة الحقيقية أزمة فساد
وفساد السلطان قبل أن يكون فساد الرعية ..
الحاكم هو من بيده أن يأمر فيطاع وأن يعاقب من يخطىء ويثيب من يعمل لصالح البلاد حتى يعم الخير ويندحر الفساد ..
وبفساد الحاكم يعلو من هم على شاكلته ويطغوا, حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا ..
كتب د. محمود عماره فى المصرى اليوم مقالا غاية فى الروعة ..
نبه للأزمة وعرضها ثم أشار للحلول وفصلّها وأوضحها ..
يبقى فقط قرار السلطان الذى لن يجىء ! ولن تعلم لماذا ؟
أليس من مصلحته ألا نجوع ؟ ألا يحرص على امتلاء الضرع الذى يستنزفه أولا بأول ؟
أنقل هنا من باب التأريخ فقط والتسجيل مقال د.محمود
قبل خراب مالطة
آخر تقرير للخبراء بمعهد بحوث المياه والأراضي المصرية يؤكد:
«إمكانية الاكتفاء الذاتي من «القمح» بسهولة، وبمنتهي البساطة، ولا يحتاج الأمر سوي «قرار» من أعلي».
بالعربي مطلوب «قرار» يصدره، ويتبناه «رئيس الجمهورية» شخصياً، بعد أن اعترفت الحكومة بلسان «نظيف» أنها «عاجزة»، و«مشلولة»، عندما قال وهو يتحدث عن «قتلي» طوابير العيش: «إن الفضل يرجع للسيد الرئيس، لأنه تدخل في الوقت المناسب».. أي أنه لولا تدخل الرئيس لحدثت كوارث!!
يقول الخبراء:
«إن فدان القمح يستهلك فقط «٢٠٠٠» متر مكعب من المياه، في حين أن فدان «الأرز» يستهلك «سبعة» آلاف متر ، وأن «البرسيم» يحتاج ٢٧٠٠ متر..».
وبناء عليه، تعالوا نعد توزيع استخداماتنا «للمياه»، وإدارتها بالشكل التالي:
١- نحن نزرع ٣ ملايين فدان «قمحاً» تنتج لنا ٧ ملايين طن - ونستورد ٦ ملايين طن سنويا.
٢- ونزرع ١.٦ مليون فدان «أرزاً» تنتج ٦.٨ مليون طن - تزيد علي حاجاتنا - فنصدر ٥.١ مليون طن.
٣- ونزرع ٢.٥ مليون فدان «برسيم»، ونصدر منها «برسيم» مجففاً للسعودية وغيرها.
والمطلوب:
١- أن نزرع فقط من «الأرز» ما يكفي استهلاكنا (ومش عايزين نصدر أرز - أقصد مياه).. وهكذا نوفر نصف مليون فدان، والأهم ٣.٥ مليار متر مكعب من المياه- تكفي لزراعة ١.٥ مليون فدان قمحاً بالدلتا، والتي ينتج فيها الفدان ٢٠ إردباً أي ٣ أطنان = ٤ ملايين طن قمح.
٢- نخلط «قش الأرز» - بدلا من حرقه - مع «التبن»، بالإضافة للمخلفات الزراعية «ولدينا منها ١.٥ مليار طن» لتتحول إلي «سيلاج» لغذاء الحيوان، وبهذا نوفر نصف مليون فدان برسيم، ليزرع بالقمح أيضا، ولينتج ١.٥ مليون طن.
إذن سيصبح لدينا ٦ ملايين طن «قمح» إضافية- هي بالضبط ما نستورده لرغيف العيش سنويا وبالتالي:
١- لن نستورد قمحاً، ونكتفي ذاتيا.
٢- سننقذ أراضي الدلتا من «التطبيل» أي ارتفاع منسوب للمياه الجوفية.
٣- سنزرع الفاكهة والخضروات بالصحراء لأنها تجود فيها أفضل بكثير من الدلتا، وبأقل تلوث.
٤- وبزراعتنا الحبوب والبقول والزيوت «كالذرة» سنعيد للأرض خصوبتها.
ولن أتحدث عن «مليون» فدان بالساحل الشمالي بعد تطهيرها من الألغام + نصف مليون فدان بشمال سيناء، ونصف مليون أخري حول بحيرة ناصر،
وستة ملايين فدان صالحة للاستزراع بقلب الصحراء الممتدة، يمكن زراعة مساحة منها كلما زاد عدد السكان ولن أتحدث عن حدودنا مع السودان والصالحة «للمراعي» التي تكفينا لحوما.. وأكرر أننا يمكننا زراعة ٢ مليون فدان زيتوناً «للزيت» علي المياه الجوفية المالحة، بعد أن وصل سعره لأرقام فلكية.
عشرات الشركات العالمية تبحث عن أي مساحات في الصحراء المصرية لزراعتها زيتوناً، ولا تجد مسؤولا واحدا في هذا البلد يلبي طلباتها، وأنا شاهد عيان أمصمص شفتي علي ما يحدث.
وأسمعك «تصرخ» متسائلا:
١- إما أن هذا الكلام للاستهلاك المحلي، وليس علميا أو حقيقيا أو عمليا؟
٢- وإما هناك «مؤامرة» علينا؟
والإجابة: إن هذا الكلام «موثق» علميا، وصحيح ١٠٠%، ولكن الصحيح أيضا أنه لا توجد مؤامرة ولا حاجة (ولا أمريكا منعانا من زراعة القمح، ولا إسرائيل بتحاربنا في الزراعة، ولا فيه مسؤول أو مجموعة مسؤولين قاعدين يخططوا، ويتآمروا علينا)!
الحقيقة المفجعة والطامة الكبري هي عاداتنا في التسويف والتهرب من المسؤولية:
والحكاية: أن وزارة الري «بترمي» بالمسؤولية علي وزارة الزراعة.. ووزارة الزراعة «بتحدف» القضية علي «المشرع» بحجة عدم وجود قوانين تستخدمها كآليات لتنفيذ سياساتها الزراعية.. و«المشرع» بيقول: هناك قوانين تزيد علي حاجتنا، ويتهم الحزب الحاكم بأنه يعطل تنفيذ القوانين والقرارات في كل انتخابات كرشوة للمخالفين.. و«الحزب» يقولك: يا عم ده شعب غير منضبط وهكذا «دواليك» نعم «دواليك»!!
والخلاصة: أن الرئيس هو المسؤول عن اتخاذ مثل هذه القرارات، فعليه اختيار وتفويض إحدي الشخصيات المحترمة ويوكل إليه بهذا الملف، وإذا كانت ثقته في الآخرين معدومة أو مهزوزة، فعليه أن يكلف ابنه «جمال» وفورا.. ولماذا فورا؟
لأن أسعار المواد الغذائية سترتفع مرة أخري عما هي عليه الآن بنسبة ١٠٠% خلال العامين القادمين لتصبح زجاجة الزيت بعشرين وثلاثين جنيها.. وكيلو اللحم بثمانين ومائة جنيه «١٢ يورو - والزيت ٣ يوروهات عالميا».. ورغيف العيش أبوشلن هيبقي بربع جنيه ثم نصف جنيه،
وأبو نصف هيبقي بجنيه.. باختصار: المواطن المصري سيدفع في غذائه بعد عامين نفس السعر الذي سيدفعه الأمريكي أو الأوروبي
وربما أكثر بسبب تكلفة الشحن والنقل والسمسرة والرشاوي وبعد أن وصلت قيمة ما نستورده من منتجات زراعية ٥.٥ مليار دولار الآن، وغدا ١٠.٨ مليارات، فمن أين سنجد النقد الأجنبي؟ وكيف سيستمر «الدعم» علي حساب التعليم والصحة والخدمات المتدنية أصلا؟
يا عالم: الحقوا البلد.. اتحركوا.. فوقوا، والحلول مازالت ممكنة وفي أيدينا فهل نحن نؤذن في مالطة؟ قبل خرابها؟